سلطة واحدة ام سلطتان
سلطة واحدة ام سلطتان
ابراهيم المشهداني
2010 / 10 / 21
مواضيع وابحاث سياسية
تستمر حالة الاستعصاء في تشكيل الحكومة ،بسبب طبيعة النتائج الانتخابية المتقاربة والاختلاف في تفسير المواد الدستورية من قبل المتقاتلين على كرسي رئاسة الوزراء بالرغم من اشتراكهم في دراسة مسودة الدستور على طاولة واحدة ويعرفون مقاصد المواد الدستورية مادة فمادة والعبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالالفاظ والمباني كما تقول القاعدة القانونية ومع ذلك فالاختلاف كما قيل لا يفسد في الود قضية اذا كان هناك شيئا من الود الحقيقي .وكان العراقيون في الايام الخوالي يلجئون في حال الاختلاف او الاستعصاء في حل مشكلة ما الى ما كان يسمى (بالعارفة) والعارفة من اللفظ هو الشخص الاكثر معرفة وخبرة ودراية في طبيعة المشاكل وحلولها ،وهذه الصفات جعلته محل ثقة الجميع وتحكيماته وقراراته ملزمة للمتخاصمين ،.ليس هذا فقط بل ان رؤساء الوحدات الادارية في الاقضية والنوحي بل وحتى المتصرفيات (تسمى في زمننا بالمحافظات)في في تلك الازمنة كانوا يلجاون الى العارفة للتحكيم في النزاعات التي تحدث ضمن حدود سلطاتهم .
اما اليوم فقد تطورت نظم الحكم على المستوى العالمي وتطورت معها الهياكل القضائية وصلاحياتها بتطور القوانين واصبحت قراراتها هي التي تفصل في الخلافات بين الناس في مختلف القضايا ومنها الاستحقاقات الدستورية وعلى هذا النحو فان قرارات المحكمة الاتحادية وحسب النص الدستوري العراقي ينبغي ان تكون قراراتها ملزمة لكل الاطراف المتنازعة فلماذ الهروب منها ؟
ان المازق السياسي الذي وضع الفائزون انفسهم فيه وعجزوا عن ايجاد حلول بروح الوطنية ونزولا عند رغبة الشعب الذي نفد صبره وصرعته الاحباطات الواحدة تلو الاخرى،ومتطلبات المرحلة التي يمر بها العراق ،بدلا من ذلك راحوا يبحثون عما عجزوا عنه في الداخل ليجدوه في عواصم الدول الاخرى وكان تلك العواصم تمتلك العصا السحرية لحل مازق تشكيل الحكومة العراقية وياللعيب ! ثم ان من كان يعيب على الاخرين الجولات المكوكية في عواصم الدول الاخرى ويتهمها بالخروج عن الاجماع الوطني ويدعو للحلول الوطنية راح هو نفسه يلجا الى الجولات المكوكية طلبا للمساندة والدعم وهكذا يتبادل الطرفان الادوار في نشدان السند الخارجي لدعمه في تشكيل الحكومة المنتظرة ،فاجتهدت تلك الدول وللمجتهد نقطة كما يقال فكان احد الحلول تقاسم السلطة على فترتين لاشباع شهوةالمتخاصمين والحل الاخر ان توزع صلاحيات رئيس الوزراء بينه وبين ما اسموه مجازا بالمجلس السياسي للامن الوطني الذي يمنح صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة او تقاسم الصلاحيات( ففتي ففتي ) وهي اخر صيحات الموضة السياسية التي ترشحها مصادر الاعلام كل يوم ، غير ان كل هذه الحلول قد اخرجت الدستور من دائرتها وهو القانون الاساس الذي صوت عليه الشعب ليكون المرجعية في فض النزاعات ومن يعطي لنفسه الحق في تجاوز الدستور عليه ان يتخلى قبل ذلك عن حقه في الاستحقاق الانتخابي ويبحث عن بدائل اخرى ،اقول اذا كانت كل تلك الحلول ومنها تقاسم السلطة لم تنهي حالة الاستعصاء ولم تحسم امر تشكيل الحكومة بل بالعكس ادى الى تشكل استقطابات جديدة واستمرار الصراع مما يفضي الى فسح المجال لكل الاحتمالات بما فيها التدهور الامني والعودة الى دائرة العنف ونزيف الدم فقد ان الاوان للعودة الى المادة 64 من الدستور واعادة الانتخابات حاليا او اجراء انتخابات مبكرة بعد ان يعلن البرلمان حل نفسه والعودة الى الشعب ليقول كلمته في صناديق الاقتراع اذ من غير المعقول ان يستمر الوضع على ما هو عليه ويدفع شعبنا ثمن الخسائر الاقتصادية المترتبة على غياب الحكومة وتوقف المشاريع فيما يستمر الفساد الاداري وهدر الاموال العامة يسري في مفاصل الدولة دون رادع في ظل ترهل الاجهزة الرقابية وغياب الدور البرلماني المتوقف عن الفعالية طيلة الفترة الماضية ……. @
@ عن الحوار المتمدن…