وقفة اقتصادية.. أهمية تكامل القطاعين العام والخاص
إبراهيم المشهداني
وقفة اقتصادية.. أهمية تكامل القطاعين العام والخاص
إبراهيم المشهداني
اعمدة طريق الشعب 27 تشرين2/نوفمبر 2024 32
يلعب القطاعان العام والخاص دورا محوريا في عملية التنمية الاقتصادية الشاملة أو ما يصطلح عليه في المفهوم الاقتصادي الحديث بعملية التنمية المستدامة، في القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية، ويقاس هذا الدور بنسبة مساهمة هذه القطاعات في الانتاج المحلي الاجمالي التي لا تشكل في الوقت الحاضر أكثر من 5 بالمائة من مساهمتها في الانتاج المحلي الإجمالي إذا ما أخذنا بعين الاعتبار حجم تخصيصاتها في الموازنة العامة لسنة 2024، والهدف الاستراتيجي لهذه القطاعات التي تدرج في كل خطة تضعها وزارة التخطيط. وما يدعو للاهتمام بهذين القطاعين، اللذين أصبحا جزأين هامين من البرنامج الحكومي، هو وضعهما المتدهور بسبب إهمال الحكومات السابقة وخاصة بعد عام 2003، فنظرة بسيطة إلى مؤشرات هذين القطاعين يتبين لنا وجود قرابة 30 الف معمل ومصنع وورشة تابعة للقطاع الخاص منتشرا في عموم المحافظات شبه معطل أو يعمل بعضها بطاقة 20—30 بالمائة، وفي نفس الوقت هناك قرابة 190 مؤسسة انتاجية تابعة للقطاع الحكومي الكثير منها شبه معطل أو يعمل بأقل من نصف طاقته الإنتاجية، وبدلا من وضع الحلول المناسبة لهذه البنى المخربة جرى التركيز على سياسة الباب المفتوح من خلال التجارة في سد النقص في العرض السلعي والتوجه لاستيراد البضائع الرخيصة والرديئة في ذات الوقت، ما يترتب عليها هروب العملة الصعبة إلى الخارج. ويمكن لهذين القطاعين في حال تأهيلهما وزيادة طاقاتها الانتاجية وفق رؤيا حكومية واضحة في وجهتها، أن يستوعبا مئات الألوف من العاطلين. وفي ضوء ذلك فان القطاع العام يعكس فلسفة السياسة العامة المطلوبة في كل مرحلة من مراحل التحول الاقتصادي للعملية وبالتالي حكماً على كفاءة الأداء الحكومي من ورائه، ولذا نجد أنه لا يعمل من فراغ وفي الوقت ذاته لا يمكن تحمليه مسؤولية تقصير تبدر من أداء القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي بقدر ما يعكس بشكل دقيق فاعلية الأداء الحكومي في رسم صورة واضحة عن واقع النشاط الاقتصادي. فهو قد لا يضطر وفق هذا المفهوم إلى الدخول فــي الميدان الإنتاجي لنشاطٍ ما او لمرحلةٍ ما لمعالجة أمرٍ محددٍ دون آخر دونما امتلاك أية أداة للتدخل في آلية عمل القطاع الخاص. وبهذا نتصور القطاع العام وهو يمتلك الأجهزة العلمية الكفوءة في رسم أبعاد الصورة التحليلية لمجريات الأنشطة الاقتصادية وتحليل البواعث المحكمة لأي توجه لدى القطاع الخاص وتأشير ما هو سلبي وما هو إيجابي. إن وجود قطاع خاص له دور ريادي في الظروف الراهنة هو ما يستدعي التركيز على بناء المقدمات الأساسية المادية والمالية لنموه وتطوره إلى جانب تأهيل المؤسسات الاقتصادية الحكومية، بل النظر إلى القطاعين بعين واحدة من الاهتمام بوصفهما قطاعين متكاملين. كما أن التوجهات الاقتصادية المستقبلية تتطلب تجنب المسلمات النظرية التي لم تزكها الحياة او تؤكد نجاحها في مختلف الظروف كالخصخصة التي لم تكن في أي وقت خيرا مطلقا خاصة وأن القطاع الحكومي لازال في الكثير من الدول الأوبية والآسيوية ودول أخرى في العالم وحتى في أمريكا التي الزمتها ظروف الأزمة المالية عام 2008 اللجوء للتـميمات المصرفية. إننا نتصور أن نجاح سياسة عقلانية لتكامل القطاعين تتطلب: توفير البيئة الاستثمارية الملائمة للاقتصاد العراقي القائمة على أساس النافذة الواحدة من خلال تفعيل قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 وتوفير كافة التسهيلات القانونية والإجرائية أمام المستثمرين الأجانب والمحليين وتحديد القطاعات المناسبة للاستثمار. تعزيز روابط التخطيط التأشيري بين القطاعين بما يقيس التوجهات التنموية العامة للدولة. حيث أن التنمية عملية تراكمية ومتواصلة بطبيعتها لا تكتفي بطفرة مؤقتة؛ وأن محركها داخلياً وذاتياً في الأساس؛ وفيها يتم التركيز على التربية والعلم والبحث والتطوير التقني، وأن تتم في ظل إطار سياسي وإداري ومؤسسي ملائم ومستقر. فان المخطط العراقي ملزم بتعميم هذه الشروط بما يتنسب مع تمكين هذين القطاعين لبلوغ مستويات أكثر تطورا.
إبراهيم المشهداني